20:13 - 03 فبراير 2019

بقلم المستشار خالد السيد
يقول المستشار خالد السيد مساعد رئيس حزب مصر الثورة للشؤون القانونية إن بداية الأحزاب كانت ذات نشأة برلمانية، وجاءت نتيجة لثورات قادتها الأمم من أجل التعبير عن خياراتها ومشاركتها في الحكم، وكان لكل ثورة أو مرحلة من مراحل تطور المجتمعات خاصة على المستوى الاقتصادي دورًا بارزًا في بلورة التشكيلات السياسية التي عرفت فيما بعد بالأحزاب السياسية، والأحزاب السياسية تعد ميكانيزما فعليا في تعبئة الجماهير ورفع مستوى وعيها السياسي، وكذا الإلمام بالمطالب الجماهيرية إيديولوجيا وميدانيا من خلال استراتيجيات تحويل الأفكار إلى ممارسة والنظرية إلى تطبيق، وتشكل الأحزاب السياسية مؤسسة غير رسمية أساسية في أنظمة الحكم الديمقراطية، نظرا لما تتمتع به من قدرة على التأطير والتجنيد والتمثيل والمراقبة.
تسهم الأحزاب في تكوين الإرادة العامة من خلال التأثير على الرأي العام وتوجيهه بفضل ما تثيره من مجادلات، سواء كانت هذه الأخيرة داخلية بحيث تسمح للقاعدة الحزبية بإعلان موقفها من خط الحزب، أو داخل المؤسسات البرلمانية, حيث تمثل الأحزاب السياسية العمود الفقري للحياة السياسية، وتحقيق التنمية المستدامة.
لقد أكد إعلان الحق في التنمیة الصادر عن هیئة الأمم المتحدة سنة 1986 على أن التنمیة عملیة متكاملة ذات أبعاد اقتصادیة واجتماعیة وثقافیة وسیاسیة، تهدف إلى تحقیق التطور المستدام لضمان الرفاه الاجتماعي للإنسان، وانطلاقا من البعد السیاسي للتنمیة تعد المشاركة السیاسیة إحدى الملامح الرئیسیة لعملیة التنمیة بشكل كلي، وفي بعدها السیاسي على الخصوص، ولا شك في أن الأحزاب السیاسیة هي التي تقدم الإطار الأكثر أهمیة وملائمة لتحقیق المشاركة، كما أن ظهور الأحزاب نفسها یمكن أن یزكي لدى الأفراد الرغبة في ممارسة السیاسة والمشاركة فیها، طالما توفر لدیهم التوقع والطموح بأن تلك المشاركة سوف تكون منوطة بقراراتهم ومهاراتهم.
ولقد شهد العالم العربي انطلاقة برامجه للتنمية المستدامة منذ الإعلان العربي عن البيئة والتنمية الصادر عن المؤتمر الوزاري الأول حول الاعتبارات البيئية في التنمية الذي عقد في تونس في أكتوبر 1986 والبيان العربي عن البيئة والتنمية وآفاق المستقبل الصادر في القاهرة في سبتمبر 1991.
كما ركز تقرير التنمية الإنسانية العربية لعام 2002 على التنمية المستدامة من زاوية التمكين السياسي، إذ يعتبر أن التنمية المستدامة هي تنمية ديمقراطية تهدف إلى بناء نظام اجتماعي عادل، وإلى رفع القدرات البشرية عبر زيادة المشاركة الفاعلة والفعالة للمواطنين وعبر تمكين الفئات المهمشة، وتوسيع خيارات المواطنين وإمكاناتهم المرتبطة ارتباطا محوريا بالقدرات والفرص المتاحة التي تتضمن الحرية بمعناها الواسع، واكتساب المعرفة وتمكين الإطار المؤسساتي.
ويمكن تحديد العديد من مؤشرات التنمية المستدامة منها التمكين وذلك بتوسيع قدرات المواطنين وخياراتهم عن طريق تقوية أشكال المشاركة ومستوياتها عبر الانتخابات العامة لمؤسسات لحكم، وعبر تفعيل دور الأحزاب السياسية وضمان تعددها وتنافسها، وعبر ضمان حرية العمل النقابي واستقلالية المجتمع المدني، تضمين لمفهوم الانتماء والاندماج، العدالة في التوزيع وتشمل الإمكانات والفرص وليس فقط الدخل كحق الجميع في الحصول على التعليم، الاستدامة وتتضمن القدرة على تلبية حاجات الجيل الحالي من دون التأثير سلبا في حياة الأجيال اللاحقة، وحقها في العيش الكريم، الحق في الحياة بعيدا عن أية تهديدات أو أمراض معدية أو قمع أو تهجير.
تتعدّد الأحزاب السياسية في كل بلد من بلدان العالم الحديث، وفي الدول العربية أصحبت الأحزاب السياسية تمارس أدواراً مهمة في العمل العام وتوطيد دعائم النماذج الديمقراطية الحديثة، ورغم أن العديد من الباحثين في العلوم السياسية يرون أن الشعوب العربية لا زالت غير متفاعلة مع النشاط الحزبي بالدرجة المطلوبة، إلا أن وعي المواطنين بمفهوم الأحزاب السياسية ودورها في وضع الخطط المستقبلية للدول سوف يؤدي إلى مشاركة أكبر في الأنشطة الحزبية.

شارك الموضوع