11:06 - 23 فبراير 2019

(( وطني العزيزُ وإنْ ألمَّ بكَ الأسى ، قامتْ بقلبي سائرُ الآلامِ ))
أيا وطني ، إليك مني سلاماً وحبا عميقا ، سيحيا ويبقى مع النسمات ، أرسل تحيةً يملؤها الحب والفخر والاعتزاز بكل شهيد قدّم روحه ؛ لنحيا جميعا ، ويحيا بنا الوطن .
قد ننسى كلَ شيء ، ولا شيء ينسينا الوطن ، فحب الوطن جزء من الإيمان ، ذلك الإيمان الذي لا ينبغي أن يخامرنا فيه شك ، ولا أن يخادعنا فيه مضلل ، فهو كالأم الحنون التي تحتوي أبناءها جميعهم ؛ ولذلك يجب علينا أن نضحي من أجله ، ونبذل النفس والنفيس في سبيل رفعته وتقدمه ، فلا تبنى الأوطان سوى بجهود أبنائها المخلصين الصادقين ، لا ينكر ذلك سوى حاقد أو حاسد أو كاره .
إن قضية الوطن قضية إنسانية عامة ، قضية ماثلة أمام أعيننا ، قد دل عليها التاريخ ، وقد أيدها الواقع ، ولنا في رسولنا العظيم قدوة حسنة ، فالرسول – صلى الله عليه وسلم – تحدث عنها ،حينما تحدث عن موطنه مكة المكرمة ، التي تربى وترعرع فيها ، تحدث عنها بكل الحب ، وكأنما هو يناجيها مع مرارة الفراق ، حيث قال :
(( والله ، إنك لأحب البلاد إلي الله ، وأحب البلاد إليّ ، ولولا أن قومك أخرجوني منك ما خرجت )).
ولولا أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم- يُحب وطنه لما قال هذا القول الذى لو أدرك كل فرد معناه ؛ لرأينا حب الوطن يتجلى في أجمل الصور ، وأصدق المشاعر ، ولأصبح الوطن كلمة مقدسة تحبها الأفئدة الصادقة ، وتهواها الأرواح النقية ، وتتحرك لذكراها المشاعر النبيلة .
فالإسلام جعل حب الوطن والانتماء له جزءا من العقيدة، كما جعل الدفاع عن أرضه واجبا مقدسا ، ولا يجوز لمسلم أن يخون وطنه أبدا ، فمن لا خير له في وطنه ، لا خير له في دينه ، ولا في أهله .
إن الانتماء للوطن ليس مجرد شعارات زائفة أو كلمات خاوية ، وإنما هو حب وإخلاص وفداء وتضحية ، هو منهج وسلوك نلتزم به قولا وفعلا .
وقد هام الشعراء عشقا بأوطانهم ،حيث إنهم تسابقوا قديماً وحديثاً في إبداء حبّهم وحنينهم إلى أوطانهم ؛ فتغنّى العديد منهم في حبّه قصائداً وأشعاراً، فالشاعر أحمد شوقي عندما تم نفيه من مصر رأيناه يردد من منفاه : وطني لو شُغلتُ بالخلد عنه *** نازعتني إليه في الخلد نفسي .
وآخر يقول : ولي وطنٌ آلــــــــــــــــــــــــــــــــــيت ألاّ أبيعه *** وألّا أرى غيري له الدّهر مالكاً .
وأخر يناجي : بلادي هواها في لساني وفي دمي *** يمجدُها قلبي ويدعو لها فمي .
ولا خيرَ فيمن لا يحبُّ بلادَهُ *** ولا في حليفِ الحب إن لم يتيم .
فما أجمل الشعور بحب الوطن ! والأجمل منه هو الاعتزاز به ، والتضحية من أجله .
إن ما يحاك ضد أوطاننا العربية في هذه الفترة من مؤامرات دنيئة ، وما يحدث من مخططات خبيثة ، تارة باسم الدين ، وتارة باسم المذهب ، إنما يهدف إلى تدمير أوطاننا ، فالحذر الحذر من الطائفية ، فالطائفية المقيتة إنما هي مقبرة للأوطان ، والعلاقات بين المذاهب والأديان لا ينبغي أن تكون على حساب الأوطان ، ولذلك لابد أن ننتبه جيدا ، وأن نزيل تلك الغشاوة التي وضعت بقصد على أعين بعض الأشخاص؛ فجعلتهم يرون الأمور على غير حقيقتها ، فباتوا يكيدون لأوطانهم ، فهؤلاء يجب الأخذ على أيدهم بيد من حديد ، فلا تهاون ولا مهادنة معهم ، فليس لنا سوى أوطاننا وجيوشنا الوطنية التي تحمي الأرض والعرض ، ولذلك علينا أن نساند الوطن مساندة قوية ، نقف صفا واحدا ، جنبا إلى جنب، ويدا بيد في خندق واحد مع شرطتنا الصامدة ، وجيشنا الوطني العظيم ، نقدم لهم أية معلومات تساعد في الكشف عن الخونة الذين يتربصون بالوطن ، ويكيدون للمواطنين ، يجب علينا أن نغرس في نفوس أطفالنا الصغار والكبار حب الوطن ، والاعتزاز به ، وأن نبين لهم فضل الوطن عليهم وواجبهم نحوه ؛ حتى يتربوا على ذلك ؛ ليعملوا من أجله ، ويخلصوا من أجل رفعته وقوته .

قائلا : هجبلك حقك

فى 09 مارس 2020

شارك الموضوع