16:19 - 08 مايو 2019

 

بقلم: د. محمد صالح عوض
Dr_mmsaleh@yahoo.com
مرت الليالي وتوالت الأيام، وتعاقبت الأشهر وانقضى العام، ودار الزمان دورته وها نحن نستقبل شهر الصيام، شهر الذكر والقرآن، شهر البر والإحسان، شهر الإرادة والصبر، شهر الإفادة والأجر، شهر الطاعة والتعبد، شهر القيام والتهجد، شهر صحة الأبدان، شهر زيادة الإيمان. نستقبل رمضان والنفوس إليه متشوقة، والقلوب إليه متلهفة، تمر بالذاكرة صور كثيرة، مساجد ممتلئة بالمصلين، وذاكرين ومرتلين، ومنفقين ومتصدقين، ونكاد نسمع ترتيل القرآن في المحاريب، وبكاء المبتهلين في الدعاء، فيزداد لذلك الشوق ويعظم العزم، وتتهيأ النفس .
ويستقبل المسلمون في رمضان ثلاثين عيداً من أعياد القلب والروح، تفيض أيامها بالسرور، وتشرق لياليها بالنور ، وتقبل علينا أيام لها في القلوب مكان، ولها في النفوس منازل، أيام خلدها القرآن، وباركها الله سبحانه وتعالى، أيام يزاد فيها العطاء ، ويرفع فيها الدعاء، وتغفر فيها الذنوب، أيام تكثر فيها الصلاة، وتفرض فيها الزكاة ، وكأنني في رمضان وهو ينادي الزمان ويخاطب الدهر قائلاً : قف – يا دهر – بأبناء البشرية رويدا، فقد أرهقتهم بمفاتنك، وخدعتهم بزخارفك، واستعبدتهم بغرورك، وشغلتهم حتى عن علاج أنفسهم، وتغذية أرواحهم ، وسلخت من عامهم أحد عشر شهراً كاملاً تشابهت أيامها ولياليها، وطفحت أحداثها بمآسيها، كفى يا دهر ، فقد أجعتهم من كثرة ما أكلوا، وأظمئتهم من طغيان ما شربوا، وأرقتهم من طول ما ناموا، وأضعفتهم أضعاف ما استراحوا ، قف – يا دهر – بأمر من خلقني وخلقك، فإن الناس أكرم على الله من أن يتركهم فريسة لختلك وخداعك، وهو سبحانه أرحم بهم من أن يغرقهم بشهواتك وأحداثك” ، وآن الأوان أن تسطع شمس الإيمان، وأن تحيا القلوب بالقرآن، وأن تصح الأرواح والأبدان، وأن تقوى الإرادة من بعد ضعف، وأن تعلوا الهمة من بعد انتكاس، وأن يشتد العزم من بعد فتور.إن رمضان مختص بأمور كثيرة وعظيمة، تجعل له خصوصية عظيمة، فهو :
1- صومه فريضة من فرائض الإسلام : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) .
2- شهر نزول القرآن : ( شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ ) .
3- اختصاصه بمزايا في الصلة بدخول الجنان والنجاة من النيران:
قال صلى الله عليه وسلم: ( إن في الجنة باباً يقال له الريان، يدخل منه الصائمون فإذا دخلوا أغلق فلا يدخل فيها غيرهم ) .
وقال صلى الله عليه وسلم : (الصيام والقرآن يشفعان لصاحبهما يوم القيامة، يقول الصيام: أي رب منعته الطعام والشهوة، فشفعني فيه، ويقول القيام : أي رب منعته النوم في الليل فشفعني فيه، فيشفعان فيه ) . ويقول صلى الله عليه وسلم (إذا كان أول ليلة من رمضان صفدت الشياطين ومردة الجن ، وغلقت أبواب النار فلم يفتح منها باب، وفتحت أبواب الجنة فلن يغلق منها باب، وينادي مناد يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر، ولله عتقاء من النار وذلك في كل ليلة). ويقول صلى الله عليه وسلم : (إن للصائم عند فطره دعوة لا ترد) .ويقول صلى الله عليه وسلم : ( من صام يوماً في سبيل الله باعد الله وجهه عن النار سبعين خريفاً ) ويقول: (الصيام جنة يستجن بها العبد من النار) . هنيئاً للمسلمين شهر رمضان .. وكل عام وأنتم إلى الله أقرب.. وعلى طاعته أدوم .. وعن معصيته أبعد.

كان زمان

فى 17 سبتمبر 2021

شارك الموضوع