طارق سالم
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : في حديثه الشريف
((مَا بَعَثَ اللهُ مِنْ نَبِيٍّ، ولا استَخْلَفَ مِن خَليفةٍ، إلا كانَتْ لَهُ بِطَانَتانِ: بِطَانَةٌ تَأْمُرُهُ بِالمعْرُوفِ، وَتَحُضُّهُ عليه، وَبِطَانَةٌ تَأْمُرُهُ بِالشَّرِّ، وَتَحُضُّهُ عليه، والمَعْصُومُ مَنْ عَصمَ اللهُ))
من المهم أن يكون المسؤول حذرا في بداية عمله عند اختياره لمن حوله من المستشارين والعاملين معه بكل عناية وأن يحذر من الذين يسعون إلى تقديم “الطُعم” من أجل تمرير مصالحهم الشخصية عبر تقديم تسهيلات مادية من المال العام ثم السيطرة على قراراته وتوجيهاته.
الاختيار الجيد لفريق العمل الذي يعاون المسؤول والتركيز على الكفاءة هي مسألة مهمة حيث إن طبيعة العمل الإداري في وقتنا الحالي تتسم بالدقة والتعقيد والاطلاع على كثير من التفاصيل إلى أن المسؤول بحاجة إلى من يعينه على الوصول إلى قرارات تخدم المصلحة العامة وتحقق الأهداف والغايات التي يرمي إليها الجهاز الذي يرأسه.
أن أي قرار يتخذه في هذا الصدد يلزم أن يكون مدروساً بشكل جيد ومحيطاً بجميع التفاصيل لذلك فإن ثقة المسؤول بفريق العمل الذي يعاونه هي الأساس الذي يُبنى عليه قراره فكلما كان هذا الفريق صادقاً في عمله حريصاً على المصلحة العامة صادقاً في توفير المعلومات الدقيقة له كلما كان القرار سليماً ومنسجماً مع المصلحة العامة بل ومستجيباً لحاجات الجمهور الذي يستفيد من خدمات الجهاز الذي يديره.
تتأثر قرارات ومواقف بعض المسؤولين في السلطة التنفيذية بعدد من المقربين منهم والمحيطين بهم وحتى المحسوبين عليهم من أهل الخبرة أو الاستشارة أو حتى طواقم مكاتبهم الإدارية وأياًّ كانت مواقعهم الوظيفية التي يشغلونها فإنهم يشكلون قوة مؤثرة وفعالة قد تحقق ما يسعون له من رأي ومشورة بل وقد تحقق أهدافهم الشخصية حتى لو كانت في غير صالح العمل وقد تساهم بشكل أو بآخر في تضليل الحقائق والوقائع في سبيل أن يكون توقيع وقرار المسؤول لصالح حوائج في أنفسهم.
وما يزيد الأمر فساداً حينما تصل بالمسؤول الثقة إلى أن يكون “مغمضاً عينيه” عن كل ما يشاهده من واقع أمامه يستجديه إعادة النظر في قراراته ومواقفه بل وفي “حاشيته، إلاّ أنه يصر أن يكون الرأي منهم والقرار لهم.
بطانة المدير ظاهرة اجتماعية غير محببة منتشرة في دول العالم الثالث حيث لاينظر الى الكفاءات والقدرات والخبرات العملية عند تعيين شخص ما بل ينظر الى واسطته وحجم نفوذها وهي ظاهرة تعيق العمل وتقلل الانتاج وتفسد جو العمل العام …
فبطانة المدير هي مجموعة من الاشخاص موجودة في كل دائرة او مؤسسة اوشركة ويبدأ عملها فور وصول المسؤول الجديد الى مكتبه فتدخل البطانه أولا للسلام والتعرف عليه وهنا يبدا النفاق والتملق وتسمع كلمات الود والخنوع والعبودية نعم سيدي أنا فلان وأبي فلان وسيدي والله انت الرجل المناسب في المكان المناسب وأنا والله اللي قبلك ظلمني بس الأمل في عطفكم سيدي وهكذا(خذ يا نفاق) وتنتهي هذه الجولة من النفاق بدعوة المسؤول غذاء او عشاء على شرف المدير الجديد وغالبا ما يقبل المسؤول الجديد الدعوة ظنا منه أن تلبية هذه الدعوات تنمي روح عمل الفريق وترفع التكليف بينه وبين موظفيه وتظهر صورته كمسؤول متواضع يرغب في أن يكون قريب من موظفيه…
وفي اليوم التالي وقبل أن يصل المسؤول إلى مكتبه يقف صديقنا الى استقباله ليدخل معه إلى المكتب ويبدأ بمدح المسؤول وزيارته الكريمة وكيف أنه يعد العدة الى عزومة أكبر على شرفه وأثناء الحديث يدخل موظف أخر ليقوم بنفس الدور ودعوة المسؤول…
وهكذا وبعد عدة أيام وعدة دعوات تشكل البطانة وتبدأ أعمالها وتتلخص بما يلي:
1- إحتساء القهوة صباحا مع المسؤول.
2- شتم وذم المدير السابق.
3- الفساد على بعض زملائهم وإقناعة أن هناك مؤامرة من بعض الزملاء عليه ولكنهم بالمرصاد .
4- المكوث في غرفة المدير الجديد أكثر وقت ممكن لسماع مكالماته والمشاركة في استقبال وتوديع ضيوفه .
5- يتحدثون لزملائهم في العمل أنهم من المقربين من المدير العام .
وبهذا يكونوا قد شكلوا البطانة إياها ولن يسمحوا لأحد أن ينفرد مع المدير فهم يعرفون تماما متى يأتي ومتى يخرج فهم دائما يجلسون في غرفته يتملقون ينافقون يجاملون…
حتى لو تكلم وتحدث في حكايات يضحكون لنكتة قديمة يرويها…
ويؤيدون رأيا يقوله حتى لو خالف أرائهم يفسدون على زملائهم ويتهمون الأبرياء ويشككون بعمل الأخرين…فلهم البعثات والدورات والزيارات ورحلات العمل …
البطانة هذه تعيق المسؤول عن التعرف على سير العمل في دائرته والحكم عليه دون أحكام مسبقة وتحجب المسؤول عن موظفيه فلا يمكن أن تستطيع موظفة أو موظف ان يتكلم مع المسؤول في قضية ما دون وجود هذه البطانة …
ولكي ينجح أي مسؤول في إدارته لأي قطاع أو إدارة أو منشأة لابد من وجود إستراتيجيات يتم من خلالها ضمان مصلحة العمل عبر اتباع استراتيجية المنع والوقاية ويمكن تحقيقها من خلال حزمة من السياسات مثل تحديد فترة لبقاء المدير وتفعيل أنظمة الرقابة وتكوين بيئة تنظيمية ونظامية رادعة وكذلك تفعيل الشراكة مع المواطن إضافةً إلى اتباع إستراتيجية الردع من خلال تحالف ثلاث قوى لإيقاع العقوبات الرادعة وهي الدولة من خلال المساءلة والمجتمع من خلال الضغط الاجتماعي والضمير من خلال الوعظ واستنهاض المروءة.
كلنا مسؤول…
فى 12 أبريل 2020
مستشار النمسا: إجراءات الحكومة تحقق أهدافها وتحد من انتشار وباء
فى 05 أبريل 2020
البحرية الأمريكية تعلن 155 إصابة كورونا على متن حاملة الطائرات
فى 05 أبريل 2020
اكتب تعليقك