17:39 - 26 أغسطس 2018

طارق سالم
للاسف ما نراه ونشاهده بمجتمعنا من ظاهرة القتل التى اصبحت عادة يومية وأصبحت القلوب لا تتألم ولا الأعين تدمع من قتل كبير أو صغير أو إبن أو إبنة أو أب أو أم أو عم أو خال الكل قريب من الكل القتل أصبح يسرى بالعائلات للأسف وكأن هذه الأرحام لم تعد أرحام خالية من الرحمة والعطف وكأن الدم الذي يجرى بعروقهم ليس بدم يغزى القلوب لكى تحب وتحس وتتألم ولكن هذا الدم أصبح سم قاتل يغزى القلوب بالكره والطمع والجهل ويذهب العقل إلى هذا الفعل الذي حرمه الله إن كان يعلم أن هناك إله ولكنه للكفر أصبح أقرب من الإيمان وهذه الظاهرة التى تفشت بالعائلات والأسر المصرية تدق ناقوس الخطر على الكل الكبير والصغير والقريب والغريب لابد من التصدى بكل قوة لهذه الظاهرة ووأدها فورا حتى يعم الأمن والأمان بين أفراد الأسرة وبالتالى يعم الأمن والأمان بالمجتمع فيسلم من هذا الفعل الذي لا يرحم .
لقد بلغت جريمة القتل من الفحش والنكارة مالم تبلغه جريمة أخرى بعد الإشراك بالله حتى ذهب عدد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أن القاتل لا تقبل له توبة وأنه لن يدخل الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط، فقد روى عن أبي الجعد قال: “كنا عند ابن عباس بعد ما كف بصره فأتاه رجل فناداه يا عبد الله ما ترى في رجل قتل مؤمنًا متعمدًا? فقال: {فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً} قال: أفرأيت إن تاب وعمل صالحا ثم اهتدى?”.
الإسلام دين العدل والاعتدال، دين السلم والمسالمة دين المحبة والتقوى والشريعة الإسلامية شديدة الحرص على توجيه سلوك الإنسان وأخلاقه وحماية حياته من اي اعتداء وتكفل عزته وكرامته.
جعل الاسلام للنفس الإنسانية مكانة محترمة فمدح في كتابه الكريم إحياء النفس وذم قتلها فقال تعالى: (مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا) [سورة المائدة ـ الآية 32]
ان قتل الانسان جريمة كبرى لا يرضاها الله تعالى ولا يرضاها الانبياء ولا سمح بها بجميع الكتب السماوية التي أنزلها الله على رسله (سلام الله عليهم أجمعين).
قال الله تعالى في كتابه الكريم (القرآن):
(إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ) [سورة المائدة ـ الآية 33]
(وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا) [سورة النساء ـ الآية 93]
(وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا) [سورة الفرقان ـ الآية 68]
(وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلاَ يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا) [سورة الاسراء ـ الآية 33]
(إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) [سورة النحل ـ الآية 90]
تحريم قتل النفس في الأحاديث النبوية الشريفة:
_ عن أبي سعيد وأبي هريرة عن رسول الله (ص) قال: (لو أن أهل السماء وأهل الارض اشتركوا في دم مؤمن لأكبهم الله في النار)
_ عن أبي سعيد عن رسول الله قال: (يخرج عنق من النار يتكلم يقول وكلت اليوم بثلاثة بكل جبار وبمن جعل مع الله الهاً اخر وبمن قتل نفساً بغير نفس فينطوي عليهم فيقذفهم في غمرات جهنم)
– عن البراء بن عازب عن رسول الله (ص): (لزوال الدنيا أهون على الله من قتل مؤمن بغير حق)
(ولو ان اهل سمواته واهل ارضه اشتركوا في دم مؤمن لادخلهم الله النار).
_ عن أبي هريرة: ان الرسول (ص) قال: (من تردَّى من جبل فقتل نفسه فهو في نار جهنم يتردَّى فيها خالداً مخلداً أبداً ومن تحسَّى سُمّاً نفسه فسُمّه في يده يتحساه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها ابداً).
– عن عبدالله ابن عمرو عن رسول الله (ص) قال: (من قتل معاهداً لم يرح رائجة الجنة)
(من قتل رجلاً من أهل الذمة لم يجد ريح الجنة وإن ريحها ليوجد من مسيرة سبعين عاماً) (من قتل نفساً معاهدة بغير حلها حرم الله عليه الجنة أن يشم ريحها).
– من حديث الرسول (ص) قال: (قتل المؤمن اعظم عند الله من زوال الدنيا).
– قال رسول الله (ص) قال: (كل ذنب عسى الله ان يغفره الا الرجل يموت كافراً او الرجل يقتل مؤمناً متعمداً)
فقد خلق الله عزوجل آدم بيديه وكرمه على المخلوقات: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً} [الإسراء:70]، وسخر له ما في السموات وما في الأرض: {وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [الجاثية:13]، وأسجد له الملائكة، وأرسل له الأنبياء والرسل، وأنزل الوحي والكتب من أجله، وحفظ له الضرورات الخمس (الدين والنفس والعرض النسل والعقل والمال).
فمن أجل حفظ الدين: شرع الله الجهاد وشرع قتل المرتد.
ومن أجل حفظ النفس: شرع القصاص وحرم الانتحار.
ومن أجل حفظ العرض والنسل: حرم الزنا وجفف موارده وشرع الزواج وشرع حد الرجم والجلد.
ومن أجل حفظ العقل: حرم الخمور والمخدرات والحشيش والأفيون وشرع حد السكران.
ومن أجل حفظ المال: حرم السرقة وبيع الغرر والربا والغش والإحتكار وشرع حد السرقة.
ولذا فإن هذا الإنسان كريم وثقيل في ميزان الله عز وجل إذا اتبع منهاجه وسلك الطريق القويم الذي بينه الله عز وجل له.

شارك الموضوع